السبت، 24 يوليو 2010

الأولياء = الرواضي السحر و الشعودة Gourrama


المعطيات الفكرية:



      إن اللجوء إلى الحلول السحرية و الخرافية محاولة "يائسة" للسيطرة على المصير ورد فعل سلبي ضد وضعية القهر والعجز لتحقيق التوازن الوجودي وتتعقد عوامل انتشار الخرافة و السحر في "كرامة" و كذا في المجتمع المغربي عموما مما يحتم دراسة بنية المجتمع المتخلف في شموليتها أي في بعدها الاقتصادي والسياسي و الإيديولوجي و كل محاولة لتفسير هذه الظاهرة من جانب أحادي هي ضرب من السفسطة.
       "تزدهر السيطرة الخرافية (على المصير) بمختلف أشكالها في عصور الانحطاط وما يصاحبها من تفشي الجهل و العوز و طمس إرادة القتال من أجل الحياة و صد الفكر النقدي والتحليل العلمي للظواهر واستفحال التسلط"


      إن الشروط الموضوعية (الاقتصادية- السياسية) لا تقلل من أهمية العامل النفسي في انتشار التفكير الخرافي - السحري- ويتلخص العامل النفسي في الشعور بالعجز عن السيطرة على الواقع و التحكم السحري بالمصير هما آخر ما يتوسلهما الإنسان عندما يعجز عن التصدي و المواجهة و يتناسب انتشار الخرافة و التفكير السحري في وسط ما مع شدة القهر و الحرمان وتضخم الإحساس بالعجز وقلة الحيلة و انعدام الوسيلة .


يصعب وضع حدود فاصلة بين المعتقد الديني و التصورات -السحرية و الخرافية- التي تصبغ بمسوح دينية تسمو بها إلى منزلة المقدس مما يزيد من فعاليتها و يؤدي إلى: "تعطيل الفكر النقدي و التحليل الموضوعي للواقع و اصطناع السببية المادية في التصدي له مشكلة عقبة فعلية أمام التغيير و عاملا قويا في استفحال التخلف "


      و تقوم هذه السيطرة الخرافية السحرية على استبدال السببية المادية بالسببية الغيبية والتماس النتائج من غير أسبابها كما تقوم على أسس نفسية هي: علاقة الاتكال الطفلي التي تربط الإنسان بوالديه يتم استبدالها بعلاقة اتكال ديني سحري تظهر في الاحتماء برموز القوة التي تسيطر على القدر مما يشل القدرات الذاتية و ينفي المسؤولية الشخصية في تحمل أعباء المصير .


          "تقوم أساليب السيطرة الخرافية على المصير على أسس نفسية نكوصية يتقهقر الإنسان المتخلف الذي يؤمن بها من العقلانية التي تميز حياة الراشدين إلى مرحلة التفكير الطفلي الذي يخلط الواقع بالخيال و الحقائق بالرغبات و الصعاب المادية بالمخاوف الذاتية بحيث تأخذ السيطرة الخرافية على المصير ....طابعا ثنائيا في محتواها . فهي تتلخص على الدوام بأزواج من الأضداد: جلب الحظ / تجنب النحس.الحصول على الخير / إبعاد الشر. الأمل المتفائل بالمستقبل / الخوف المتشائم منه. إثارة الحب لذا الآخر / والحرب ضد العدوانية."


الأولياء:










الحزان

     فالولي يتوسط لذا العناية الإلهية و من خلال التقرب إليه تعم الرحمة الإلهية و تسقط على الولي قدرات خارقة هي الكرامات التي تميزه عن باقي البشر "فالأنبياء تقع عليهم المعجزات أما الأولياء فتظهر على أيديهم الكرامات و الخوارق وهذه الأخيرة هي بمثابة الرتبة الثانية بعد المعجزات"
       فكرامة أبي سليم العياشي تفجير ينبوع الماء في وقت الجفاف لذلك تشد الرحال إلى "زاوية سيدي حمزة" كلما شعر الأهالي بنقص في صبيب ماء السواقي و الوادي.
      و يحيى أو عيسى أظهر الطعام في أوان الفاقة لذلك يزور أيت تاكريرت ضريحه ب:"تاخوالت" على بعد 40 كيلومتر على كرامة في كل أعياد المولد النبوي الشريف.
    وهنا في كرامة يوجد "سيدي عمي" استجابة الدعوات و تحقيق الرجاء و الأمنيات.
        في عام 1905 اجتاحت جحافل الفئران منطقة كرامة وليس لهم سوى قصد زاوية "أنوالي" و "أحجوي" الذين أنقدا إكرامن من هذه الآفة مما جعلهم يهبون 540 كيلوجراما قمحا كل عام لزاويتي أنوالي و أحجوي ب"بودنيب" ....
        وكل هذه الكرامات " تدل على قوة، هي على النقيض تماما من عجز الإنسان المقهور و قصوره و كلها تدل على ارتفاع مكانة و حظوة، و هي أيضا على النقيض من ضعف الإنسان المقهور و ضعفه.
       و كما يقول الباحثون أن الكرامات أربعة و عشرون و يمكن القول أن الولي تقترب صورته من صورة الإنسان الخارق أو "السوبر مان" عند الفيلسوف "نيتشيه"
      و هناك كما يقول الدكتوران: بدران و الخماش :هناك من يشفي من الصداع و آخر من العقم وثالث من الحسد ورابع يرد الكيد ...
      فالوالي إذا يغطي كل الحاجات التي يعجز الجمهور عن تحقيقها بجهدها أو التي قصرت السلطات المسؤولة في القيام بواجب تلبيتها
      ف : مولاي إدريس يشفي من الأمراض
        و سيدي عبد الرحمان أكنتور تؤمه العاقرات لأن المجتمع لا يعترف بالعجز الجنسي عند الرجل إنما يؤخذ بالحسبان فقط عقم المرأة أو خصوبتها وهذا ما يبرر و جود ملايين المزارات التي يؤمها النساء طلبا للذرية بينما لا يوجد ولو ضريح واحد يقصده الرجال لطلب الذرية .
      تشكل الأضرحة نواة التجمعات السكانية بكرامة و حسب كل قصر و يقوم على هذه الأضرحة خدام يسهرون عليها ويلعبون دور الوساطة بين صاحب الحاجة وبين الولي من خلال مجموعة من الطقوس و الأدعية و الإبتهالات.
       وهم ( الوسطاء) ينسجون الأساطير حول الخوارق و الكرامات التي يأتيها هذا الولي مما يتيح لهم إبتزاز أموال الأهالي

وتشكل المرأة ضحية استغلال هؤلاء الخدام نظرا لجهلها و سيطرة الخرافة على عقلها
و وطأة القيود التي يفرضها عليها النظام الإجتماعي و هذا ما يفسر وجود مقامات أولياء يدعي خدامها تخصصا بحل مشكلات النساء على اختلافها.
     ف: للا ميمونة متخصصة في الزواج
    و للا شريف و سيدي عبد الرحمان متخصصان في الإنجاب


     و الحزان 



 متخصص في إبعاد خطر الطلاق.
     إن التضخيم من بركة الولي يصاحبه الشعور بعجز  أو شلل في القدرات الذاتية و "البركة" تعني - بالضرورة- الشعور بالعجز و الشعور بأهمية البركة يعني التقليل من دور الإنسان في الخلق و الإبداع و التغلب و التفوق.
      و تشكل الأدعية و الإبتهالات وسيلة للتقرب من الأولياء و تتنوع الأدعية لتشمل مختلف الأغراض فهناك أدعية للشفاء من المرض و أخرى لتفريج الغم و ثالثة لإزالة الكرب و رابعة لتوسيع الرزق و خامسة لتوكيد المحبة و سادسة للخلافات الزوجية.
     وكما قلنا سابقا تنتشر الأضرحة والأولياء في كرامة كالآتي:
تيط نعلي:  المرجع - المحادج - ترحبييت - إمي يغرم.
ملاحة:  سيدي بو زيان- سيدي بو النوار- سيدي ميمون.
أموكر:  سيدي أحمد أعمر- سيدي بلقاسم- بن عبد الصادق.
باكنو:  سيدي محمد بن احمد- سيدي الزاكي
 مصروح: سيدي علي أوحروش- دادا لحسن.
إيسكنى: سيدي عبد الرحمان أكنتور- سيدي عبد المالك - سيدي العين.
تاكريرت: سيدي لكبير- سيدي الخضير- سيدي أبو إدريس
قصر لكبيرو أيت سعيد أو عمرو: مولاي - مولاي المصطفى -مولاي سعيد
                                        - سيدي قاسم - سيدي بن طاهر
لهري: مولاي الغالي - أمرابض - سيدي محمد أوبلقاسم.
تولال: سيدي عبد الرحمان - سيدي المخفي - سيدي بن يوسف - سيدي احمد أو حمد     - سيدي الشريف - سيدي الحاج

 - سيدي بو زيان - للا شريف - للا ميمونة.
أيت علي: سيدي علي بيبورش - سيدي عمي.   

  إن السيطرة الخرافية على المصير أي تحقيق التوازن الوجودي لجلب الخير و إبعاد الشر تجد ظهورها الأول في التقرب من رموز الخير (الأولياء الصالحين) وصورة الولي إسقاط – لاشعوري – للصورة المثالية الكامنة في اللاوعي فالولي بمقامه و كراماته إسقاط للصورة المثالية للأم الحنون المعطاء و الأب الحامي الرحيم الصورة التي تغرس جذورها في أعماق لاوعي طفولتنا و تشكل نموذج كل خير و محبة و أمل و رجاء


للا شريف


                                         الجن و العفاريت و الشيطان:


     يعتبر الإعتقاد بوجود الجن و العفاريت و الشيطان رد فعل لا شعوري لتبرير العجز فالتطهير من مركب النقص و الدونية يستلزم اسقاط مشاعر الذنب على الكائنات الخرافية يعتقد أنها تحرك مصير الإنسان و هذه الكائنات الخرافية تمثل الصورة السيئة التي تتكون لدينا عن الوالدين في الطفولة و التي تستقطب كل الإحباطات الطفولية و المخاوف ومشاعر الحقد والأسى والإضطهاد و اليأس و خوف الفناء وهي تمثل فيما بعد النمودج الأول للسوء و الأذى و التهديد حتى تكبت في اللاوعي كي تمارس هناك تأثيرها المدمر على التوازن النفسي.
      هذه الكائنات تتصور في صور إنسانية تقوم بينها و بين بني الإنسان علاقات عاطفية تصل حد الزواج إذ يشيع أن "محا" تأتيه جنية لتزوره ليلا منافسة بذلك زوجته وهي توقع بينه و بين زوجته خلافات تؤدي إلى الطلاق لتحل محلها.
   و يعتقد الأهالي أن هذه الكائنات تقيم في مناطق "مسكونة"